Nov 1, 2009

رسالة اعتذار من بحار هارب الي قبطان مل قاربه


لقد عملت لفترة وجيزة مع احد الاساتذة المرموقين علما وممارسة ولطالما فكرت في هذه الفترة ,احيانا باعتبارها فرصة ضائعة لمستقبل اكثر اشراقا لي علي المستوين الشخصي و الاكاديمي و احيانا باعتبارها مخاطرة لربما كانت قادتني لطريق مخيفة نهايته.غير ان كل هذا لا يهم الان ما جدوى البكاء علي المسكوب ايا كان وصفه.الا انه دائما تنتابني تلك الافكار حول هذا الاستاذ اللغز , حيرة بالغة كلما حاولت ان افهم مواقفه هذا الذي اعتبره استاذي او تمنيت ان يكون - علي المستوى الاكاديمي علي اضعف تقدير-, كلما حاولت ان اعرف ماذا كان يريد استاذي حقا ازداد الامر صعوبة وضبابية .من الذي كان يحرك استاذي و اي طاقه تدفعه في هذا العمر ؟؟ غضب جارف ام حسرة ,انتقام مظلوم ام مثالية عالم,قيمة ام فكرة ام مصلحة شخصية ,اشياء كثيرة بدت متناقضة و الرجل في وسطها و الي الان لا استطيع ان اجزم.المثير اني ربما اليوم فقط استطعت ان افهم اختلف طريقه عن حارتي في ذلك الحين .كان العمل معه بيئة جديدة علي في ذلك الوقت رحبة للغاية و ممتلئة بشرا و الغازا اكبر من ان يفهمها شاب في مقتبل العمر ,كانت اشبه ما تكون ببحارة علي قارب كبير اقوي علاقة تربطهم الشك,جو يسيطر عليه الشك بقسوة كالظلام الدامس , لا تعرف من التاجر ومن الشاري ومن السلعة ,من سيبيعك و من سيشتريك؟؟ سوق غير مفهوم و غير مريح بالمرة خاصة اذا انطبق عليك ذلك الوصف الصعيدي"عودك طري",نعم "طراوة العود و قلة الخبرة و الغطاء في جو يفتقد الثقة والتي ان اخطأت في استخدامها قد تخسر نفسك او اشياء اعمق بكثير. رحلة متعبة للغاية خاصة اذا كان ذلك اول ابحار لك.المهم اعود ما السبب ان ينسحب انسان من رحلة مع ربان, لن اقول يحبه لان الحب وصف رومانسي مبالغ فيه وغير مناسب للسياق ,انما يوقره.و بروح شاب اخذت المخاطرة وركبت هذا القارب تسيطر علي رغبة صبيانية جامحة للابحار مع هذا الربان المثير للاعجاب , شجعتني دعوة الربان و ضمي لطاقم البحارة علي قاربه ,قفزت في القارب علي ما فيه من اشياء و رغم هياج البحر حينها .لكن بالاضافة لخوفي كان الربان يبحر في الجهول لي نحو مرفأ ما يروم الوصول اليه و هو منفردا يعرف اي المرافئ نقصد, كل يوم ملئ باحداثه, البعض غير خائف لانه معتاد علي الابحار في هذا الجو العاصف والبعض يعرف شاطئ يسبح اليه و البعض لديه من ينقذه ان اقلب القارب .الكل متأهب و انا كل يوم يزداد قلقي و تقل ثقتي في القبطان .كان الموقف اشبه برجل يحمل صندوق ثقيل و يريدك ان تحمل هذا الصندوق معه لوقت و مسافة غير معلومة,و مشكلتك لا تكمن في وزن الصندوق او طول المشوار انما ان تشعر انك تحمل صندوقا لا تعرف محتواه. اخيرا كصبي مذعور يصطنع الرجولة قفزت من القارب و هجرت الرحلة في مبتدآها . قلت ارتاح من وجع الذهن ومن صعوبة الحياة وسط شكوك ليس لها نهاية.سحبت يدي من اسفل الصندوق و عدت لقارب شراعي ضيق و ابحار روتيني هادئ بجوار الشاطئ مفتقدا متعة و ربح ابحار الاعماق ,احمل صندوقا بلا وزن ,بمحتوي تافه.و هأنذا اليوم اندم علي هذا الطريق الذي لم اسره, على هذه الرحلة التي لم اكملها,علي هذا الميناء الذي لم اصله.اخيرا همست الايام في اذني بهذه الكلمات" ان خوفك خنق المغامرة و ان كانت مطلوبة والشك يقتل الثقة وان كانت مفرطة و كلاهما قد يقودك لنجاح ما ...اشبه بالفشل لا طعم له .ربما لم يكن هذا قدرك و ربما هو كذلك.لكن من يعرف قدره ...لايزال البحر ممدودا و كذلك القوارب و المرافئ" .القاهرة في الاحد 1 نوفمبر 2009

No comments:

Post a Comment